مختصر احدب نوتردام - Notre-Dame de Paris
فيكتور هوجو - 1831
في احد الايام تقرر البحث عن جثة شخص شنق قبل يومين تنفيذا لحكم بالاعدام ، في الكهف الذي توضع فيه جثث الاشخاص الذين تم اعدامهم ، و قد وجد بين الهياكل العظمية الموجودة هيكل انثى معلق برقبتها عقد فيه حقيبة صغيرة فارغة ، و يحتضن هيكل الانثى هيكل رجل و قد لوحظ ان هذا الرجل جمجمته غائرة بين عظام الكتفين مع انحناء في العمود الفقري ، و كانت عظام العنق سليمة مما يعني انه لم يتم شنقه و جاء الى هذا المكان بارادته ومات فيه .
و كان هيكل الانثى يعود الى فتاة مسكينة خطفتها الغجريات من امها و هي صغيرة
لم تكمل عامها الاول ، وقاموا بتربيتها و أسموها الاسميرالدا أو " ازميرالدا " و سكنت معهم في حي
المجرمين و المتشردين ، حتى كبرت الاسميرالدا و اصبحت فتاة جذابة شديدة الجمال ترق
لها القلوب ، و اصبحت تعمل راقصة تقدم عروض راقصة و غنائية في الشوارع مع عنزتها
البيضاء التي تدربها على تقديم عروض سحرية تجذب العيون و تبهر العقول .
و في يوم عيد الغطاس في 6 يناير كانت باريس تحتفل بأشكال مختلفة و متنوعة ،
و في احتفالات هذا اليوم مساء كانت الاسميرالدا تقدم عروضها في ميدان جريف ، فرأها
ذلك الشاعر و المؤلف المسرحي المفلس جرنجوار والذي كان قد خاب أمله في عرض
مسرحيته صباحا ضمن الاحتفالات بسبب عوامل كثيرة كان منها هذه الفتاة نفسها التي
ترك الجمهور المسرحية ليشاهد رقصها و غناءها .
سحر جرنجوار بالاسميرالدا و قرر تتبعها ، و لكن نظرتها الرافضة له جعلته
يخجل و يتوقف ، و لم يمر الكثير من الوقت حتى سمع صراخها تستغيث ، فصاح جرنجوار
طالبا النجدة و هرع لانقاذها ، و ما ان وصل حتى راى اثنين يحاولان اختطفاها و كان
احدهما هو الضخم صاحب الوجه القبيح و العين الواحدة و حدبة الظهر ، انه كوازيمودو
قارع اجراس كنيسة نوتردام ، الذي وضع طفلا لقيطا في الكنيسة باحثا عن متبني حتى
تبناه كاهن كنيسة نوتردام كلود فروللو ، و هو الذي رباه و اسماه كوازيمودو ..
و ما ان حاول جرنجوار تخليص الفتاة حتى تلقى ضربة من كوازيمودو القته فاقدا
للوعي ، و لكن احد رماة الحرس الملكي حضر و انقذ الفتاة و القى القبض على
كوازيمودو ، و قد سحرت الفتاة بالفارس منقذها ، و كان اسمه فوبوس .. و قد وضعها
الفارس على ظهر جواده و دار بينهم حوار تعارف قصير و بمجرد ان ادار وجهه هربت
الفتاة .
عاد لجرنجوار المسكين و عيه و ظل هائما في الطرقات المظلمة ضال السبيل نظرا
لعدم قدرته على دفع ايجار بيته ، حتى وجد زقاق اخره كتلة من النور فمشى فيه حتى
وصل الى ميدان كبير ، اتضح لجرنجوار ان ماكان عليه ان يأتي الى هذا المكان ، فقد
وقع في مدينة المتشردين و المجرمين ، فبعد فشله في الهرب منهم حملوه الى ملكهم ،
الذي اخبره انه دخيل عليهم و انه ستوقع عليه عقوبة الشنق ، و لم ينقذه من الموت
الا ان يكون واحد منهم ، او تقبله احد نسائهم زوجا لها .. و قد فشل جرنجوار في
اختبار النشل ليصبح واحد منهم ، كما رفضته النساء اللاتي تقدمن لمعاينته ، و بتالي
تقرر شنقه .. حتى جاءت من قبلت الزواج منه ، انها الاسميرالدا الراقصة الغجرية
التي فشل جرنجوار في انقاذها و انقذها اخر و اصبح بطلها .
جرت مراسم الزواج حسب تقاليد المتشردين و ذهب جرنجوار و الاسميرالدا الى
غرفة صغيرة ، و حاول الاقتراب منها ، و لكنها رفضته و اخبرته انها تزوجته فقط من
اجل انقاذه ، و انها لا يمكن لها ان تفقد عفتها حتى لا تفسد التميمة التي تحملها
في حقيبة صغيرة تعلقها في عقد في رقبتها و تعتقد ان هذه التميمة ستساعدها على
ايجاد اهلها في يوم ما .
ثم جاء يوم محاكمة كوازيمودو ، و كانت في الحقيقة محاكمة هزلية حيث كان
القاضي أصم ، و كوازيمودو فاقد للسمع نتيجة عمله كقارع لأجراس كنيسة نوتردام ، و
بتالي سأل القاضي أسئلة لم يسمعها كوازيمودو ، فطلب القاضي من الكاتب كتابة كل ما
قاله كوازيمودو ، فضحك الحاضرين فظن القاضي انهم يضحكون بسبب ردود غير لائقة من
كوازيمودو ، فحكم عليه بالجلد على وتد التعذيب الموجود في ميدان جريف .
و بالفعل تم تنفيذ الحكم وجرد كوازيمودو من قميصه و تم جلده حتى سال الدم
من ظهره و فقد كل قواه ، و صاح مطالبا بالماء و لم يجد غير السخرية و التقليل من
شأنه من الجمهور الملتف ليشاهد تنفيذ الحكم ، حتى وجد فتاة تقترب منه و تضع الماء
على شفتيه من قربتها ، انها الاسميرالدا الفتاة التي حاول ايذاءها و يعاقب من اجل
ذلك ، فنزلت من عينه دمعة و ربما هذه الدمعة الأولى التي تذرفها عينه في حياته ، و
حاول الامساك بيد الفتاة ليشكرها ولكنها فزعت منه و تركته ..
ثم سمعت الفتاة صوت عالي يلعنها و يسبها و يقول فلتذهبي الى الجحيم ايها
الغجرية انتي و كل الغجريات سارقات الاطفال ، و كان هذا الصوت لامرأة تسكن في حجرة
صغيرة مقابلة لوتد التعذيب و الاعدام في ميدان جريف ، و كانت هذه المرأة يطلق
عليها الاخت جودول .
في مارس بعد مرور شهرين من الاحداث السابقة كانت الاسميرالدا ما زالت تقدم
عروضها في الشارع ، و انضم ايضا الى الشارع جرنجوار الذي تزوجته حيث كان يقدم
عروضا و العابا بهلوانية بجسده ليكسب رزقه ..
وفي الشارع على الرصيف قرب كنيسة نوتردام كانت تتواجد الاسميرالدا وزوجها
وكل منهم يقدم عروضه منفردا ، و كان كلود فروللو كاهن نوتردام يتابع الاسميرالدا
باهتمام شديد من برج الكنيسة ، و كانت الاسميرالدا تقدم عرضها أمام بيت تصادف فيه
وجود فوبوس ذلك الضابط الذي انقذها في السابق ، حيث كان موجودا في بيت ابنة عمه
التي كانت تريد امها ان تزوجها له و كان اسمها فلور ، شاهدت فلور الاسميرالدا من
شرفة المنزل و طلبت من فوبوس ان يدعوها لتسليهم في المنزل ، و ما ان طلب فوبوس من
الاسميرالدا ان تصعد حتى احمر و جهها بمجرد ان لمست نظرته عيناها ، صعدت
الاسميرالدا هي و عنزتها البيضاء .
وعندما صعدت الاسميرالدا كان هناك حجابا في رقبة عنزتها شدته فلور ابنة عم
فوبوس فتبعثرت منه مجموعة من الحروف ، و تقدمت العنزة بساقها ترص الاحرف الواحد
تلو الاخر فكونت كلمة فوبوس ، فقالت فلور ان الاسميرالدا ساحرة و سقطت فاقدة الوعي
، فلملمت الاسميرالدا اشيائها و خرجت مسرعة ، و تتبعها فوبوس ..
و بينما كانت تحدث هذه الاحداث داخل المنزل ، نزل كاهن الكنيسة من البرج
الى الشارع و تحدث مع جرنجوار الذي يعلمه جيدا حيث كان الكاهن معلم جرنجوار قبل ان
يتدهور بجرنجوار الحال ، و سأل الكاهن جرنجوار عن الاسميرالدا و اشتاط غضبا ،
حينما علم انه تزوجها ، و قد اخبره جرنجوار انه لا يلمسها بسبب اعتقادها في
التميمة التي تعلقها في رقبتها ، و انها فتاة طاهرة و بارعة و اخبره كيف انها
استطاعت ان تدرب عنزتها على رصف حروف كلمة فوبوس في شهرين فقط ، و قد استغرب
الكاهن من كلمة فوبوس و لكنها علقت بذهنه ، و قال لجرنجوار انه اذا لمس الفتاة
سيصبح ملعونا مما اثار استغراب جرنجوار فسأل الكاهن لماذا يهتم بهذا الامر الى هذا
الحد ، فاحمر وجه الكاهن خجلا و انهى الحوار.
ولم يمر وقت طويل ، و قد ذهب جوهان الاخ الاصغر للكاهن الى الكنيسة ليطلب
المال من اخيه كما هو معتاد ، و بعد خروجه سمع الكاهن صوت اخيه يقول صديقي فوبوس ،
فنظر فوجد اخيه مع الضابط فوبوس ، و اول ماخطر بباله كلمة فوبوس التي قالها له
جرنجوار في اخر حديث بينهم عن الاسميرالدا .
قرر الكاهن تتبع اخيه و فوبوس ، و سمع فوبوس يقول لجوهان انه سيقابل في تلك
الليلة الراقصة الغجرية ، ثم دخلا فوبوس و جوهان الى حانة و خرجا ثملان ، بينما
ينتظر الكاهن في الخارج ملتفا بالسواد حتى لايظهر ، ثم تبع الكاهن فوبوس حتى تنبه
اليه ، فاخبره الكاهن انه يعرفه جيدا و انه يعلم انه سيقابل فتاة في هذه الليلة ،
فاجابه فوبوس بلا مبالاة بانها الراقصة الغجرية الاسميرالدا ، فغضب الكاهن بشدة وقال له انك تكذب ، فاشهر فوبوس سيفه .. فقال له الكاهن لا وقت لديك للقتال فلتذهب
الى موعدك و دع القتال الى وقت اخر .. فقبل فوبوس و طلب من الكاهن بعض المال ،
فاعطاه الكاهن المال بشرط ان يذهب معه ليتأكد ان الفتاة فعلا هي الاسميرالدا .
ذهب فوبوس و الكاهن الى منزل و اعطى صاحبة المنزل القطعة النقدية التي
اخذها من الكاهن ، و وضعتها المرأة في جارور وما ان التفتت حتى جاء ولد صغير و اخذ
قطعة النقود و وضع بدلا منها ورقة جافة ، و صعدا الرجلان الى الاعلى و جلس الكاهن
في مكان يمكنه منه رؤية ما يحدث دون ان يراه احد ، و قد احضر فوبوس الاسميرالدا ،
و رأها الكاهن ورأى اعترافها بحبها لفوبوس و طلبها الزواج منه حيث قالت الفتاة
لفوبوس انها ستتنازل عن العهد الذي اخذته على نفسها لتحافظ على عفتها من اجل ان
تساعدها التميمة في ان تجد اهلها ، و انها لم تعد تأبه بان تجد اهلها فهو اصبح
اهلها ، و ما ان القت بذراعها حول عنق فوبوس مع نظرة مليئة بشغف الحب ، صعقت بوجه
الكاهن يحمل الى جانبه خنجر مسنون ينزل به على رأس فوبوس فيسقط فوبوس ارضا ، وتسقط
هي مغشيا عليها ..
عاد الوعي الى الاسميرالدا و هي محاطة بالجنود و سمعتهم يقولون ساحرة قد قتلت
ضابطا من الحرس الملكي .
مر شهر و الفتاة مختفية و جرنجوار و اصدقائها في مدينة المتشردين بحثوا
عنها في كل مكان و لم يجدوها ، حتى حضر جرنجوار ذات يوم محاكمة بالصدفة ففوجئ
بانها محاكمة الاسميرالدا .. وجه القاضي للاسميرالدا اتهاما بالسحر و الدعارة و
القتل ، و ذلك بسبب شهادة صاحبة المنزل الذي قابلت فيه الفتاة فوبوس و حدث فيه
ماحدث ، حيث اكدت المرأة وقوع السحر باختفاء قطعة النقود من الجارور ووجود ورقة
جافة بدلا منها ، كما شهدت بهبوط كتلة سوداء رأتها من النافذة تسقط من الاعلى و
تنزل الى الماء .. و ما كان امام الاسميرالدا الا ان تقر بهذه الاتهامات بعدما
تعرضت للتعذيب بالحذاء الحديدي لاجبارها على الاعتراف ، فلم تحتمل التعذيب و
اختارت الموت و رأت ان الحكم عليها بالاعدام سيكون اهون من التعذيب .. فاعترفت بما
لم تقترف من جرائم .. خصوصا و انها سألت القاضي عن فوبوس فقال لها انه مات .
حكم على الفتاة انها ستشنق في ظهر احد الايام بعد ان تحمل الشمع كقربان الى
كنيسة نوتردام ، و وضعت في كهف اسفل قصر العدالة في انتظار يوم التنفيذ ،، مرت
الايام و في يوم ذهب اليها الكاهن ملتفا بالسواد و عندما كشف عن وجهه عرفته ، و
قالت له انه القاتل و سألته لماذا يكرهها و لما فعل بها كل هذا ، فرد الكاهن انه
يحبها منذ اول لحظة رأها من نافذته ترقص و تغني في الشارع ، و لم يحتمل انها تحب
غيره ، و زحف على ركبتيه نحوها و اخبرها ان تنفيذ الحكم سيكون في اليوم التالي و
انه قادر على تهريبها اذا قبلت ان تكون له ، فسألته الفتاة عن فوبوس فقال ايضا انه
مات .. فقالت لا تحدثني عن الحياة اذن و طردته .
في اليوم التالي قيدت الاسميرالدا و سيقت الى الكنيسة لتقديم القربان و كان
الكاهن بنفسه يقود الموكب ، و اقترب منها و قال لها بصوت خافت كوني لي كي أخلصك ،
و بعد رفضها اختفى الكاهن و لن يشاهد ما سيحدث بعد ذلك ، سيقت الفتاة الى العربة
لتحمل الى المشنقة في ميدان جريف و كانت تنظر الى الاعلى و الى الناس المحتشدة لتشاهد و الى المنازل ، و
كأنها تودع الحياة ، ثم فجأة صرخت بأسمه انه مازال حي ، لقد كذب الكاهن و القاضي ،
انه فوبوس يقف في شرفة بيت بنت عمه فلور التي عاد اليها بعد ان شفي بمعجزة و قد
نزع من قلبه ذكرى الاسميرالدا بعدما صدق ان الامر كان فيه من السحر أكثر من الحب ،
قال فوبوس بعض الكلمات التي لم تسمعها الاسميرالدا و دخل من الشرفة ، و ظلت الفتاة
تصرخ و تصرخ الى ان سقطت فاقدة الوعي .
كان هناك من يشاهد كل هذا و لم ينتبه اليه احد ، هو كوازيمودو قارع الاجراس
الذي ربط حبلا في احد اعمدة الكنيسة وقفز ممسكا بالحبل و انزلق الى الاسفل ، و ضرب
الحراس و القاهم ارضا ، و حمل الفتاة و دخل بها الى الكنيسة ، و عندما عاد الى
الفتاة وعيها اخبرها كوازيمودوا انها لابد الا تترك الحجرة التي وضعها فيها نهارا
و يمكنها التنزه في الكنيسة ليلا ، و كانت في الكنيسة غرف للملاذ الامن من دخلها
امن حتى من احكام العدالة طالما لم يخرج منها .
احضر كوازيمودو رداء ابيض للفتاة و احضر لها طعام و شراب و فراش و اخبرها
انه يعلم ان شكله قبيح و انها تأنف من النظر اليه ، و وعدها ان يرعاها دون ان
يزعجها ، و قال للفتاة انه يفعل كل ذلك من اجل ما فعلته معه و اعطاءها الماء له و
هو على وتد التعذيب ، و اخبرها انه اصم و ان عليها ان تتعامل معه بالاشارة ، و
لعدم ازعاجها سيظل بعيدا بحيث يراها ولا تراه ، و ترك لها صافرة معدنية عليها ان
تنفخ فيها بقوة اذا ما احتاجته و انه سيسمع صدى صوت الصافرة و سيتواجد في الحال .
عندما اختفى الكاهن عن الانظار صباحا لم يرى ما حدث و ظن ان الفتاة قد شنقت
، و عندما عاد الى الكنيسة و رأى الفتاة تصور انها روح و ليست حقيقة ، حتى وصل الى
مسامعه مايتداوله الناس عن ما حدث و رأى رعاية كوازيمودو لها من نافذة غرفته التى
كانت تواجه غرفة الاسميرالدا ، و قرر ذات ليلة مظلمة ان يذهب اليها ، و قد رأته
الفتاة من النافذة ثم شعرت به يلمسها ففزعت و صاحت فيه ، و راح يردد من جديد ذات
الكلمات عن مدى حبه لها ، فوقعت يد الفتاة على صافرة كوازيمودو و نفخت فيها باقصى
ما تستطيع .
ففوجئ الكاهن بكوازيمودو فوقه حاملا بسكين و خوفا من كوازيمودو تحميل
الفتاة مسئولية الدم سحب الكاهن خارج الغرفة ليقتله ، و لحسن حظ الكاهن كان في
الخارج ضوءا للقمر سمح لكوازيمودو برؤية وجه الكاهن و التعرف عليه ، و هنا تبدل
الامر حيث يخضع كوازيمودو للكاهن و يحبه حبا جما ، ثم ذهب كوازيمودو الى عتبة حجرة
الفتاة و قال للكاهن عليك ان تقتلني انا اولا و اعطى له السكينة ، و لكن يد الفتاة
كانت اسرع من يد الكاهن و التقطت السكين و هددت الكاهن و طردته من امام غرفتها .
ركل الكاهن كوازيمودو و يبدو انه بدء يغير منه ، و غادر و هو يقول لن يفوز
بهذه الفتاة احد ابدا .
انصب تفكير الكاهن على كيفية اخراج الفتاة من الكنيسة لتنفيذ حكم الاعدام
فيها، فهداه فكره الشيطاني الى الذهاب الى جرنجوار الذي لم يكن متأكد ان
الاسميرالدا احتمت فعلا بالكنيسة ، فاكد له الكاهن هذا الامر ، و اخبره كذبا ان
البرلمان غير القواعد و اصدر تشريع باخراج الاسميرالدا من الكنيسة بعد ثلاث أيام ،
و ان على جرنجوار انقاذها من الموت كما انقذته سابقا ، فعرض عليه خطة رأها جرنجوار
ساذجة و قد تؤدي الى اعدامه هو بدلا من الفتاة ، فعرض جرنجوار على الكاهن خطة
محكمة يشارك فيها المجرمين و المتشردين ، و تتلخص الخطة باحداث فوضى عبر الهجوم
على الكنيسة باعداد كبيرة من اللصوص و المتشردين ، مما يسهل تهريب الاسميرالدا ، و
اتفقا الاثنان على طريقة التنفيذ و طريقة دخولهما الكنيسة و الوصول الى غرفة
الفتاة .
وبالفعل في اليوم التالي هجمت حشود اللصوص و المتشردين مدججين بالسلاح على
كنيسة نوتردام ، و كان من بين اللصوص جوهان فروللو الاخ الاصغر للكاهن و الذي لم
يكن يعلم الكاهن انه منتمي لجماعات اللصوص ، و عندما رأى كوازيمودو طلائع اللصوص
يحومون حول الكنيسة و ينظرون لغرفة الفتاة علم ان هناك مؤامرة تنفذ الهدف منها
الفتاة ولم يكن لديه طريقة لتهريبها من
الكنيسة و لم يكن امامه خيار الا المقاومة حتى تأتي نجدة او دعم ، وبالفعل ادار
كوازيمودو كل مايمتلكه من ادوات داخل الكنيسة بذكاء شديد ، مما تسبب في خسائر
فادحة في صفوف اللصوص مما جعلهم يتراجعون أكثر من مرة ، حتى استغل جوهان فروللو
الاخ الاصغر للكاهن معرفته الجيدة بالكنيسة نظرا لزياراته المتكررة لأخيه ، و دخل بالفعل الكنيسة ليفاجئ انه اصبح منفردا
وجها لوجه مع كوازيمودو ، فحمله كوازيمودوا و لوح به في الهواء و صدم رأسه في
الجدار فسقط قتيلا امام زملاءه اللصوص ، و قد أثار ذلك حماستهم ، فكثفوا هجومهم و
ما كادوا ان ينجحوا في اقتحام الكنيسة حتى امتلأت الساحة بالجنود ، و حدث قتال
عنيف هزم فيه اللصوص و فر من نجا منهم هاربا .
و بينما كانت تحدث هذه الفوضى نجح الكاهن و جرنجوار في الوصول الى غرفة
الفتاة حسب خطتهم ، و كان الكاهن كالعادة ملثم ومغطى بالسواد حتى لا تعرفه الفتاة
، و حينما دخلا غرفة الفتاة ورأت الفتاة جرنجوار اطمأنت قليلا وسألته عن من معه
فاخبرها انه صديقه ، و انهم جاءا ليخلصوها بعد ان صدر من البرلمان تشريع يقضي
باخراجها واعدامها . و بالفعل نجح الكاهن في اخراج الفتاة من الكنيسة ، و قد
اختفى جرنجوار في غفلة من الفتاة ، فوجدت الفتاة نفسها و حيدة مع هذا الرجل الذي
امسك يدها واسرع بها الى ميدان جريف عند المشنقة ، و نزع عن وجهه الغطاء ، و خير
الفتاة بينه و بين المشنقة بعد توسله لها ان تبقى معه ، و لكن الفتاة اختارت
المشنقة .. فراح الكاهن يبكي على حبه الضائع و على انه تسبب في مقتل اخيه الوحيد
بسبب خططته التي نفذها .
و نادى الكاهن على جودول تلك المرأة التي لعنت الاسميرالدا في السابق اثناء
اعطاءها الماء لكوازيمودو على وتد التعذيب ، و هي مرأة اختطفت ابنتها الوحيدة و هي
صغيرة من الغجريات ، فحبست نفسها حزنا على ابنتها في حجرة صغيرة ليس بها الا فتحة
في الجدار عليها قضبان حديد ،
وطلب الكاهن من الاخت جودول ان تمسك بيد الفتاة حتى
يذهب و يحضر الجنود ، و كان الكاهن يعلم مدى كره هذه المرأة للفتاة لانها غجرية ،
فاخرجت جودول يدها من بين القضبان و اطبقت على معصم الفتاة مثل الكماشة ، وتوسلت
اليها الفتاة لتتركها ولكن بلا فائدة ، و قالت جودول كم هي تكرهها لان لو كانت ابنتها
معها لكانت في نفس سن الاسميرالدا ، و انها ستحرق قلوب الغجريات عليها كما حرقوا
قلبها على ابنتها ، و عندما ترجتها الفتاة مرة اخرى بعدما سمعت صوت الخيول تقترب ،
اخرجت جودول قطعة الحذاء الباقية لها من ابنتها و قالت للاسميرالدا احضري لي
القطعة الاخرى ، فارتدعت الفتاة وفتحت التميمة التي ترتديها في عنقها لتخرج
القطعة الاخرى من الحذاء ، فتصرخ الام ابنتي .
كسرت الام بكل ما اوتيت من قوة القضبان الحديدية الموجودة على فتحة جدار
غرفتها بحجر كان لديها ، و ادخلت ابنتها و احتضنتها ، و كان الجنود قد وصلوا ، و
كان معهم فوبوس الذي تدخل الكاهن لدى قياداته لاسناد مهمة اعدام الاسميرالدا له ،
فاخفت الام ابنتها في حجرتها ، و عندما سألوها ضللتهم و قالت انها انفلتت من يدها
و هربت ، و لم يصدقها القائد و قرر تعريضها للتعذيب حتى تعترف ، و قبلت الام
بالتعذيب حيث رأت في ذلك فرصة لهرب ابنتها ، فتحدث الضابط فوبوس الى قائده و اخبره
انه سيرحل وانه ليس من مهمته اعدام الساحرات ، فسمعت الفتاة صوت فوبوس فاطلت من
فتحة الجدار و نادت عليه و لكنه كان قد رحل ، فرأها الجنود ، و طلبوا من الام
تسلميمها ، و لم تثنيهم توسلات الام و دموعها كي يتركوا لها ابنتها التي ظلت
تنتظرها خمسة عشر عام ، فكيف تضيع منها في اللحظة التي تجدها فيها ، و رغم تأثر
الجنود بحال الام ، قاموا بتنفيذ مهمتهم و اخراج الفتاة رغم استبسال الام و
وحشيتها في الدفاع عن ابنتها ، و عندما اخذوا الفتاة سقطت الام فاقدة الوعي .
حمل الجندي الفتاة ليصعد بها سلم المشنقة وسط صراختها المضنية ، ففاقت الام
و عضت الجندي من يده بوحشية ، فانقض عليها الجنود و دفعوها بشدة الى الوراء ،
فسقطت و ارتطم رأسها بالارض حاولت النهوض لكنها سقطت مرة اخرى بلا حراك ، لقد ماتت
. و تابع الجندي صعود السلم ..
في هذه الاثناء بعد ان بحث كوازيمودو عن الفتاة في كل مكان بعد انقاذ
الكنيسة و لم يجدها ، علم ان الكاهن خلف كل ما يحدث ، ثم رأى الكاهن في الطابق
العلوي يصعد الى برج الكنيسة ، فصعد خلفه دون ان يشعر به الكاهن ، و كان الكاهن
ينظر باهتمام لشئ يحدث في الاسفل ، فنظر كوازيمودو فرأى مشهد اعدام الفتاة حيث
ابعد الجندي السلم بعد ان ضبط حبل الشنق على رقبة الفتاة ، فتدلى جسد الفتاة اسفل
الحبل ، و حينها انفجرت من الكاهن ضحكة رهيبة لا يضحكها الا من فقد انسانيته ، لم
يسمع كوازيمودو الضحكة و لكنه رآها ، فانقض على الكاهن و دفعه ، ليسقط الكاهن الى
الهاوية من ارتفاع يزيد عن مئتي قدم ، فاصطدم الكاهن بالارض و لم يبدي حراكا .
فسقطت دموع كوازيمودو بغزارة و هو ينظر الى الفتاة المسكينة و هي تتدلى
اسفل الحبل و تنتفض تحت ثوبها الابيض و هي تلفظ انفاسها الاخيرة ، و نظر الى جثة
الكاهن ،، و تنهد باكيا و هو يقول لقد فقدت كل ما كنت احبه ، و منذ ذلك اليوم
اختفى كوازيمودو من نوتردام و لم يعرف احد عنه شيئا ..
و بعد عام و نصف الى عامين من هذا اليوم ، في الكهف الذي توضع فيه جثث
الاشخاص الذين تم شنقهم ، عثر على الهيكلين العظميين اللذين يحتضن واحد منهما
الاخر ..
و بهذا كان كوازيمودوا قد قرر ان يبقى في عناق أبدي مع من أحب ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق